منهج الاصلاح الاجتماعى
أما العبرة التى نأخذها لإصلاح حياتنا وإصلاح مجتمعنا، ونأخذها من مجتمع المهاجرين والأنصار الذى لو صرنا على هداه فى أى زمان أو مكان لنصرنا الله كما نصره ولأعزنا كما أعزهم، ولهدانا كما هداهم ولمَكَّن الله لنا فى الأرض كما مكَّن لهم، كيف نصلح مجتمعنا ويصير مجتمع نورانى ربانى مثل مجتمع المدينة المنورة التى فتحها سيدنا رسول الله وبينها القرآن؟حتى يكون المجتمع فى الدنيا فى رغد العيش وفى خيرات وبركات وفى صالحات وفى طاعات ولا يوجد بين الناس مشكلات ولا معارك ولا غش ولا غير ذلك بيَّن الله ذلك فى ثلاث أشياء بِم وصف الله الأنصار
؟{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ}أول صفة{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}والصفة الثانية{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا}الصفة الثالثة{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}هذه الصفات لو اتبعت فى أى مجتمع فإنه سيكون فى الدنيا فى أرغد عيش وفى أسعد حال وفى الآخرة يكون أهله هم أهل النجاة والفلاح عند المليك الفتاح الصفة الأولى{ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}وهى التى نحتاج إليها جميعاً كان حضرة النبى حريص على أن يُجرى لكل من يدخل فى الإسلام عملية فى قلبه فينزع حب الدنيا ويضع حب الله ورسوله كل المشاكل التى بين الناس سببها حب الدنيا فقال{حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ} [1]فأى خطيئة بين الأخ وأخيه وبين الإبن وأبيه وبين الزوج وزوجته وبين الجار وجاره وبين أى إنسان فى أى زمان ومكان سببها حب الدنيا لأن ذلك يجعل الناس تقع فى بعض ثم يكيدون لبعض ولا مانع من أن يتطاولون على بعض ثم بعد ذلك لا مانع من أن يشتكون بعض ثم لا مانع بعد ذلك من الافتراء على بعض حتى يؤيدوا شكاياهم على بعض وكل ذلك سببه حب الدنيا لذلك أول شئ كان يفعله رسول الله
مع أصحابه ينزع من قلوبهم حب الدنيا ويضع مكانه حب الله ورسوله وحب كتاب الله وحب المؤمنين نحن جميعا نقول أننا نحب الله ورسوله رسول الله أعطانا ترمومتر نقيس به هذا الحب فقال{والله لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [2]أنت تحب حضرة النبى ولكن تحب نفسك أكثر إذاً هذا الحب غير مضبوط كيف تحب نفسك أكثر من حضرة النبى؟تحب نفسك لأنك تضرب بسنة حضرة النبى عرض الحائط من أجل مصلحتك مع أنك تعرف أنه مخالف للسنة لكن الذى يحب حضرة النبى يعظم السُنة وحتى قال فى ذلك بعض الصالحين(حافظ على السُنة ولو بُشرت بالجنة) فلابد من المحافظة على السُنة والسُنة مقابلها الهوى كما جاء فى الحديث الآخر{لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ }[3]فالذى ضيَّع الناس الآن هو الهوى{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}
وعندما ننظر فى المجتمع فإننا نجد أن معظم المشكلات سببها عدم اتباع السنة أو شرع الله لأن هناك شئ من الهوى فلو اتفقنا على سنة رسول الله ففى أى شئ سنختلف؟لن يأتى أى خلاف لكن الخلاف يأتى عندما يكون شخص غير أهل ويُدخل نفسه فى موضع لا يليق أن يكون له وإنما موضع ينبغى أن يكون لغيره مثال ذلك: لما أراد حضرة النبى أن يقوم بعمل إعلان للصلاة وأراد أن يكون هذا الإعلان مخالفاً لليهود والنصارى فطلب من أصحابه أن يبحثوا عن وسيلة فنام جماعة من أصحابه ولأنهم كانوا مع الله كانوا عندما ينامون تصعد أرواحهم إلى الملكوت الأعلى فصعدت روح أحدهم إلى الملكوت ورأى الملائكة فقالوا له: ماذا تريد؟ قال: أريد شيئاً نعلن به عن الصلاة فأعطوه ألفاظ الآذان فاستيقظ الرجل من نومه وذهب إلى رسول الله وقال له: رأيت كذا وكذا رسول الله وضع القاعدة إلى يوم القيامة فلم يقل له أنت الذى تلقيت الآذان قم فأذن ولكن قال له: لقنه بلال فإنه أندى صوتاً منك لو مشينا على هذه القاعدة هل سيحدث خلاف؟ لا لأننا نريد جميعاً رفعة الإسلام. رسول الله وضع القاعدة الأولى لمنع الخلافات وهى